عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-15-2011, 05:17 PM
الصورة الرمزية الاستاذ على الدين يحيى
الاستاذ على الدين يحيى الاستاذ على الدين يحيى غير متواجد حالياً
:: إدارة المنتدى ::
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: القاهرة - حدائق الزيتون
العمر: 70
المشاركات: 2,696
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى الاستاذ على الدين يحيى
افتراضي رد: مصطلحات سياسية يجب أن تلم بها

العلمانية
العَلمانية( بالإنجليزية: Secularism ) تعني اصطلاحاً فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة، وعدم إجبار أي أحد على اعتناق وتبني معتقد أو دين أو تقليد معين لأسباب ذاتية غير موضوعية . ينطبق نفس المفهوم على الكون والأجرام السماوية عندما يُفسّر بصورة دنيوية بحتة بعيداً عن الدين في محاولة لإيجاد تفسير للكون ومكوناته .
التعريف والنشأة
العلمانية في العربية مشتقة من مفردة عَلَم وهي بدورها قادمة من اللغات السامية القريبة منها ؛ أما في الإنجليزية والفرنسية فهي مشتقة من اليونانية بمعنى "العامة" أو "الشعب" وبشكل أدق عكس الإكليروس أو الطبقة الدينية الحاكمة ؛ وإبان عصر النهضة بات المصطلح يشير إلى القضايا التي تهم العامة أو الشعب بعكس القضايا التي تهم خاصته . أما في اللغات السامية ففي السريانية تشير كلمة ܥܠܡܐ ( نقحرة : عَلما ) إلى ما هو منتمي إلى العالم أو الدنيا أي دون النظر إلى العالم الروحي أو الما ورائي ، وكذلك الأمر في اللغة العبرية : עולם ( نقحرة: عُولَم ) والبابلية وغيرهم ؛ وبشكل عام لا علاقة للمصطلح بالعلوم أو سواها وإنما يشير إلى الاهتمام بالقضايا الأرضية فحسب .
وتقدم دائرة المعارف البريطانية تعريف العلمانية بكونها : "حركة اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الأرضية بدلاً من الاهتمام بالشؤون الآخروية . وهي تعتبر جزءًا من النزعة الإنسانية التي سادت منذ عصر النهضة الداعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به بدلاً من إفراط الاهتمام بالعزوف عن شؤون الحياة والتأمل في الله واليوم الأخير . وقد كانت الإنجازات الثقافية البشرية المختلفة في عصر النهضة أحد أبرز منطلقاتها ، فبدلاً من تحقيق غايات الإنسان من سعادة ورفاه في الحياة الآخرة ، سعت العلمانية في أحد جوانبها إلى تحقيق ذلك في الحياة الحالية".
أقدم التلميحات للفكر العلماني تعود للقرن الثالث عشر في أوروبا حين دعا مارسيل البدواني في مؤلفه «المدافع عن السلام» إلى الفصل بين السلطتين الزمنية والروحية واستقلال الملك عن الكنيسة في وقت كان الصراع الديني الدينيوي بين بابوات روما وبابوات أفنيغون في جنوب فرنسا على أشده ؛ ويمكن تشبيه هذا الصراع بالصراع الذي حصل بين خلفاء بغداد وخلفاء القاهرة . وبعد قرنين من الزمن ، أي خلال عصر النهضة في أوروبا كتب الفيلسوف وعالم اللاهوت غيوم الأوكامي حول أهمية: " فصل الزمني عن الروحي ، فكما يترتب على السلطة الدينية وعلى السلطة المدنية أن يتقيدا بالمضمار الخاص بكل منهما ، فإن الإيمان والعقل ليس لهما أي شيء مشترك وعليهما أن يحترما استقلالهما الداخلي بشكل متبادل."غير أن العلمانية لن تنشأ كمذهب فكري وبشكل مطرد إلا فيالقرن السابع عشر ، ولعلّ الفيلسوف اليهودي الملحد إسبينوزا كان أول من أشار إليها إذ قال أن الدين يحوّل قوانين الدولة إلى مجرد قوانين تأديبية . وأشار أيضًا إلى أن الدولة هي كيان متطور وتحتاج دومًا للتطوير والتحديث على عكس شريعة ثابتة موحاة . فهو يرفض اعتماد الشرائع الدينية مطلقًا مؤكدًا إن قوانين العدل الطبيعية والإخاء والحرية هي وحدها مصدر التشريع . وفي الواقع فإن إسبينوزا عاش في هولندا أكثر دول العالم حرية وانفتاحًا آنذاك ومنذ استقلالها عن إسبانيا ، طوّر الهولنديون قيمًا جديدة ، وحوّلوااليهود ومختلف الأقليات إلى مواطنين بحقوق كاملة ، وساهم جو الحريّة الذي ساد إلى بناء إمبراطورية تجارية مزدهرة ونشوء نظام تعليمي متطور ، فنجاح الفكرةالعلمانية في هولندا ، وإن لم تكتسب هذا الاسم ، هو ما دفع حسب رأي عدد من الباحثين ومن بينهم كارن أرمسترونغ إلى تطور الفكرة العلمانية وتبينها كإحدى صفات العالم الحديث .

الفيلسوف الانكليزي جون لوك كتب في موضوع العلمانية: " من أجل الوصول إلى دين صحيح ، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا ، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط ، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف . يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة ، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر . هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا ، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة" .
تعريف مختصر للعلمانية يمكن إيضاحه بالتصريح التالي لثالث رؤساءالولايات المتحدة الإمريكية توماس جيفرسون، إذ صرّح : "إن الإكراة في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد ، وإن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم". تصريح جيفرسون جاء لوسائل الإعلام بعد أن استعمل حق النقض عام 1786 ضد اعتماد ولاية فيرجينيا للكنيسة الأنجليكانية كدين رسمي ، وقد أصبح الأمر مكفولاً بقوة الدستور عام 1789 حين فصل الدين عن الدولة رسميًا فيما دعي «إعلان الحقوق» . ويفسر عدد من النقاد ذلك بأن الأمم الحديثة لا يمكن أن تبني هويتها على أي من الخيارات الطائفية ، أو تفضيل الشريحة الغالبة من رعاياها سواءً في التشريع أو في المناصب القيادية ، فهذا يؤدي إلى تضعضع بنيانها القومي من ناحية ، وتحولها إلى دولة تتخلف عن ركب التقدم بنتيجة قولبة الفكر بقالب الدين أو الأخلاق أو التقاليد .
أول من ابتدع إلى مصطلح علمانية هو الكاتب البريطاني جورج هوليوك عام 1851، غير أنه لم يقم بصياغة عقائد معينة على العقائد التي كانت قد انتشرت ومنذ عصر التنوير في أوروبا ؛ بل اكتفى فقط بتوصيف ما كان الفلاسفة قد صاغوه سابقًا وتخيله هوليوك ، من نظام اجتماعي منفصل عن الدين غير أنه لا يقف ضده إذ صرح : "لا يمكن أن تفهم العلمانية بأنها ضد المسيحية هي فقط مستقلة عنها ؛ ولا تقوم بفرض مبادئها وقيودها على من لا يود أن يلتزم بها . المعرفة العلمانية تهتم بهذه الحياة ، وتسعى للتطور والرفاه في هذه الحياة ، وتختبر نتائجها في هذه الحياة".
بناءً عليه، يمكن القول أن العلمانية ليست أيديولوجيا أو عقيدة بقدر ما هي طريقة للحكم ، ترفض وضع الدين أو سواه كمرجع رئيسي للحياة السياسية والقانونية ، وتتجه إلى الاهتمام بالأمور الحياتية للبشر بدلاً من الأمورالأخروية ، أي الأمور المادية الملموسة بدلاً من الأمور الغيبية .

الدولة العلمانية
من المختلف عليه وضع تعريف واضح للدولة العلمانية ؛ وفي الواقع فهو تعريف يشمل ثلاث جوانب أساسية ، ويتداخل مع مفهوم دين الدولة أو الدين ذو الامتياز الخاص في دولة معينة . هناك بعض الدول تنصّ دساتيرها صراحة على هويتها العلمانية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية والهند وكندا . بعض الدول الأخرى ، لم تذكر العلمانية في دساتيرها ولكنها لم تحدد دينًا للدولة، وتنصّ قوانينها على المساواة بين جميع المواطنين وعدم تفضيل أحد الأديان والسماح بحرية ممارسة المعتقد والشرائع الدينية ، وإجراء تغيير في الدين بما فيها الإلحاد أو استحداث أديان جديدة بما يشكل صونًا لحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية ، وهي بالتالي تعتبر دولاً علمانية . هناك الشريحة الثالثة من الدول وتنصّ دساتيرها على دين الدولة معيّن كمصر وموناكو واليونان غير أن دساتيرها تحوي المبادئ العلمانية العامة ، كالمساواة بين جميع مواطنيها وكفالة الحريات العامة ، مع تقييد لهذه الحريات ، يختلف حسب الدول ذاتها . في مالطا وهي دولة تتخذالمسيحية الكاثوليكية دينًا لها يعتبرالإجهاض محرمًا بقوة القانون ، وذلك مراعاة للعقائد الكاثوليكية ، ومع ذلك فإن نسب تقييد الحريات العامة في مالطا هو أقل بكثير مما هو عليه في دول أخرى كمصر حيث تعتبرالشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا من مصادر التشريع ما أدى إلى قيود حول تغيير الدين أو بناء دور عبادة غيرإسلامية إلى جانب تشريع تعدد الزوجات وغيرها من القضايا المرتبطة بقانون الأحوال الشخصية . المثل المصري ينطبق على عدد من الدول الأخرى ، ما دفع بعض الباحثين لاجراء تعديلات اصطلاحية فأحلت "الدولة المدنية" بدلاً من "الدولة العلمانية" واقترح البعض "دولة مدنية بمرجعية دينية" ، غير أن ذلك حسب رأي بعض الباحثين يفرغ مبادئ المساواة والحريات العامة من مضمونها ويحصرها في قالب معيّن مايعني دولة دينية وإن بإطار مدني . أما الدول الأقرب لنموذج مالطا فمن المتفق عليه وصفها دولاً علمانية ، إلى جانب بعض التحفظات كعبارة "حياد الدولة تجاه الدين" بدلاً من "فصل الدولة عن الدين" .

لا يزال النقاش يدور في الدولة المصنفة علمانيًا حول مدى الالتزام بفصل الدين عن الدولة ؛ ففي فرنسا جدول العطل الرسمية مقتبس بأغلبه من الأعياد الكاثوليكية ، وكذلك تقدم الدولة من أموال دافعي الضرائب تمويلاً للمدارس الدينية ؛ أما في الهند وهي أيضًا دولة تنصّ على العلمانية الكاملة ، تقدّم الدولة سنويًا إعانات للحجاج المسلمين وصل في عام2007 إلى 47454 روبية عن كل حاج هندي .أما دستورأستراليا وهي دولة علمانية رغم عدم ورود العبارة صراحة ، يذكر في المادة السادسة عشر بعد المئة ، على عدم تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة ، ومع ذلك فإن الدستور ذاته يبدأ بعبارة " بتواضع، نعتمد على نعمة الله المتعالي" (بالإنجليزية: Humble reliance on the blessing of Almighty God)، وسوى ذلك فإن الحكومة الأسترالية تدعم الصلاة المسيحية في المدارس الحكومية وتمول المدارس الدينية التي تعدّ القسس الجدد وكذلك رجال الدين . الحال كذلك في سويسرا وفي الولايات المتحدة الإمريكية ، وإن بدرجات متفاوتة لا تشمل في جميع الظروف تقييد أي حرية دينية أو ممارسة للشعائر الدينية أو تمييز بين معتنقي مختلف الأديان في مناصب الدولة والحياة العامة فهي من المبادئ المشتركة بين جميع الدول المصنفة كعلمانية .

علاقة العلمانية بالإلحاد
في المجتمعات الإسلامية، ينظر إلى العلمانية على أنها جزء من التيار الإلحادي بمفهومه العام ، فقد جاء في الموسوعة العربية العالمية :
« ويمكن اعتبار ظاهرة "العَلمانية" جزءًا من التيار الإلحادي بمفهومه العام . فعلى الرغم من ارتباط العلمانية بفصل الدين عن الدولة أو السياسة في الاستعمال الشائع ، فإن لتلك الظاهرة دلالتها الأخرى المتصلة بذلك الفصل ، والتي لاتقل أهمية في الاستعمال الغربي المعاصر . فهي تدل لدى كثير من المفكرين ومؤرخي الفكر على " نزع القداسة عن العالم بتحويل الاهتمام من الدين بما يتضمنه من إيمان بإله وبروح وبعالم أخروي أو مغاير خفي إلى انشغال بهذا العالم المرئي أو المحسوس وغير المقدس" . ويمكن اعتبار العلمانية بمفهومها الشائع - أي فصل الدين عن الدولة - مرحلة مبكرة في هذا التوجه العام نحو ربط الحياةالإنسانية بعالم الحس ، لأنها تمنح الأولوية لذلك العالم في التشريع لحياة الإنسان وسياستها . وفي الآية القرآنية الكريمة إشارة إلى هذا المعنى العام والأساسي للعلمانية ، حيث يقول الله تعالى على لسان الذين كفروا : ﴿ إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ﴾ الأنعام: 29 . والدنيا هي العالم الوحيد بالنسبة للعلمانية . ومن هنا استخدم مفهوم "الدنيوية" كمرادف للعلمانية . ومن العلمانية اشتق فعل "العلمنة" ليدل على عملية التحول نحو هذا العالم
رد مع اقتباس